أكدت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز أن "المطالبة بمشاركة النساء في اتخاذ القرار السياسي في مجتمعاتنا العربية تنطلق من الحرص على رفع مستوى العمل السياسي ليكون حقيقة عملا تنطبق عليه صفة الديمقراطية. تذكر دساتيرنا بأن "الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة، يمارسها عبر المؤسسات الدستورية" كما هو وارد في الدستور اللبناني. وفي الدساتير أيضا أن النائب المنتخب من جانب الشعب يمثل الأمة جمعاء. من هنا مركزية اتمام العملية الانتخابية حسب الأصول القانونية المعتمدة ليكون تمثيل الشعب صحيحا، ومن هنا مسؤوليتنا في الحرص على أن تجري العملية الانتخابية حسب مقتضيات القانون ومن غير أن تشوبها أخطاء أو تجاوزات تؤدي إلى انحرافها عن الهدف من تنظيمها وهو أولا وأخيرا التوصل إلى قول الشعب لكلمته في اختيار من يمثله ومن يأتمنه لتحقيق تطلعاته. فنظام الحكم الديمقراطي تحدده الممارسات السياسية المعمول بها بقدر ما تحدده قواعد توزيع وتوازن السلطات بين المؤسسات الدستورية. ما يهمنا بالدرجة الأولى كمواطنات وكمواطنين متمسكين بالنمط الديمقراطي في الحكم هو هذه الممارسات".
وفي كلمة لها خلال رعايتها الدورة التدريبية الثانية للدفعة الثانية، المتخصصة للسيدات في الدول العربية حول "مراقبة الانتخابات العامة من منظور النوع الاجتماعي"، أوضحت عون روكز "أنني أتوقف هنا لأعرب عن تقديري وشكري لمنظمة المرأة العربية ولمديرتها، الدكتورة فاديا كيوان، لتنظيم دورات تدريبية حول مراقبة الانتخابات العامة من منظور النوع الاجتماعي متخصصة للسيدات. فهذه المبادرة تدل على إدراك أصحابها لواقع التحديات التي نواجهها في أوطاننا على صعيد ممارسة الحقوق السياسية بشكل عام وعلى صعيد ممارسة هذه الحقوق من جانب النساء بشكل خاص".
وأشارت الى أنه "في الحالتين، الهدف الأول عندما نتكلم عن مراقبة الانتخابات العامة هو الحرص على التحقق من تطبيق القانون. "فدولة القانون" لا تقوم من غير الامتثال بتطبيق صارم للقوانين والنظام الديموقراطي يتطلب أولا الامتثال للقواعد المنصوص عليها في القانون الانتخابي لتأمين المساواة بين المرشحين وضمان حرية الناخب أو الناخبة وصحة عملية الفرز وإعلان النتائج وعدم التساهل في معاقبة منتهكي القانون."
واعتبرت أنه "عندما يتعلق الأمر بمراقبة الانتخابات العامة للتأكد من صحة الممارسات السياسية المطبقة بالنسبة إلى حقوق النساء في المشاركة السياسية، يتوجب على "دولة القانون" وعلى القيمين على إحلال حكمها أن يوسعوا نطاق معايير المساواة بين المرشحين وقواعد التعامل في مراكز الاقتراع. فمن منظور النوع الاجتماعي، ينبغي أن تشمل مراقبة هذه المعايير السقوف المتاحة لتمويل الحملات الانتخابية من جانب المرشحين والمرشحات، والضغوطات الاجتماعية التي تطال النساء في مجتمعاتنا أكثر من الرجال نظرا إلى الصور النمطية التقليدية التي لا تزال تتناقلها مجتمعاتنا بالنسبة إلى حصر دور القيادة بالرجال دون النساء".
ولفتت عون روكز الى أنه "كذلك ينبغي أن تتناول هذه المعايير المساحات المتاحة لكل من المرشحين والمرشحات في وسائل الإعلام خلال فترة الحملات الانتخابية كما يجب أن تأخذ في عين الاعتبار تدابير الحماية المتاحة للنساء للجوء إليها في حال تم تهديدهن كمرشحات أو كناخبات خلال الفترة الانتخابية. ولا يخفى أنه للأسف، لا تزال النساء في بلداننا، أكثر عرضة من الرجال لحالات التهديد والعنف. وعلى الرغم من التطور الملحوظ لا تزال النساء يعانين أكثر من الرجال من عواقب حملات التشهير التي من الممكن أن تطالهن خلال الحملات الانتخابية. وفي لبنان، تتصدر النساء اليوم التحركات الاجتماعية المطالبة بترشيد العمل السياسي ليكون متطابقا مع القواعد الدستورية، وفي ذلك ظاهرة إيجابية تدل على تطور اجتماعي بات يتقبل أكثر من الماضي بروز الدور السياسي للمرأة. ذلك، على الرغم من حصول بعض الحوادث التي تعرضت خلالها بعض الناشطات والإعلاميات لتحرش مباشر أو بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي كان يرمي إلى الإساءة الشخصية لهن".
وأكدت أن "أي هيئة رقابية للمسار الانتخابي، أكان المشاركون بها رجالا أو نساء ينبغي أن تنظر في العملية الانتخابية من وجهة نظر النوع الاجتماعي. فالعبرة من مشاركة النساء إلى جانب الرجال في القيام بأعمال مراقبة عملية الانتخابات، من هذا المنظور، لا تنبع من شعور بعدم الثقة بحرص الرجال على التمسك بمعايير المساواة الواقعية بين النساء والرجال في العملية الانتخابية، (لفتني في برنامج الدورة عدد المشاركين الرجال في إدارتها، لهم التحية والتقدير). فمشاركة النساء في مراقبة الانتخابات هي بالنسبة إلينا تعبير أخر عن ضرورة مشاركتهن في تحمل مسؤوليات القرار السياسي. فنحن كمواطنات مسؤولات في مجتمعنا إلى جانب المواطنين وعلى قدم المساواة معهم، عن حسن إدارة نظامنا السياسي وعن نجاح ديمقراطيتنا. وهذه لا تحيا من غير الآليات التي تضمن تطبيقها".